وفي قوله : (قَوْلاً لَيِّناً) دلالة على وجوب الرفق في الدعاء إلى الله ، وفي الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ليكون أسرع إلى القبول ، وأبعد من النفور.
(قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى (٤٥) قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى (٤٦) فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (٤٧) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨) قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (٤٩) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (٥٠) قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (٥١) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (٥٢))
ولمّا أمر الله تعالى موسى وهارون أن يمضيا إلى فرعون ، ويدعواه إليه (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا) أن يعجّل علينا بالعقوبة ، ولا يصبر إلى إتمام الدعوة وإظهار المعجزة. من : فرط إذا تقدّم. ومنه : الفارط. وفرس فرط : يسبق الخيل. (أَوْ أَنْ يَطْغى) أن يزداد طغيانا فيتخطّى إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي ، لجرأته وقساوته. وفي المجيء به هكذا على الإطلاق وعلى سبيل الرمز باب من حسن الأدب ، وتحاش عن التفوّه بالعظيمة.
(قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما) بالحفظ والنصرة ، أي : إنّي ناصركما وحافظكما (أَسْمَعُ وَأَرى) ما يجري بينكما وبينه من قول وفعل ، فأحدث في كلّ حال ما يصرف