الدُّنْيا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (٧٣) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦))
وبعد ما أتوا الموعد مجتمعين (قالُوا) مراعاة للأدب والتواضع وخفض الجناح (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) «أن» بما بعده منصوب بفعل مضمر ، أو مرفوع بخبريّة مبتدأ محذوف ، أي : اختر إلقاءك أوّلا أو إلقاءنا ، أو الأمر إلقاؤك أو إلقاؤنا.
(قالَ بَلْ أَلْقُوا) مقابلة أدب بأدب ، وعدم مبالاة بسحرهم ، وإسعافا إلى ما أوهموا من الميل إلى البدء ، بذكرهم إيّاه أوّلا. وتغيير النظم ليكون على وجه أبلغ.
وقيل : ألهمهم ذلك وعلّم موسى اختيار إلقائهم ، ليبرزوا ما معهم من مكائد السحر أقصى وسعهم ، ثمّ يظهر الله سبحانه سلطانه فيقذف بالحقّ على الباطل فيدمغه ، ويسلّط المعجزة على السحر فتمحقه ، وتكون آية نيّرة للناظرين ، وعبرة بيّنة للمعتبرين.
فألقوا ما معهم من الحبال والعصيّ (فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) «إذا» للمفاجأة. والتحقيق : أنّها أيضا ظرفيّة تستدعي متعلّقا ينصبها ، وجملة تضاف إليها ، لكنّها خصّت بأن يكون ناصبها فعلا مخصوصا ، وهو فعل المفاجأة ، والجملة ابتدائيّة. فتقدير الآية : فألقوا ففاجأ موسى وقت تخييل سعي حبالهم وعصيّهم