(يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى (٨٠) كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (٨١) وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢))
ثمّ خاطب سبحانه بني إسرائيل بعد إنجائهم من البحر ، وهلاك فرعون وقومه ، وعدّد نعمه عليهم ، فقال : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) على إضمار القول ، أي : قلنا لهم يا أولاد يعقوب. وقيل : الخطاب للّذين كانوا منهم في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، منّ الله عليهم بما فعل بآبائهم. والوجه هو الأوّل.
(قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ) فرعون وقومه (وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) بمناجاة موسى ، وإنزال التوراة عليه. وإنّما عدّى المواعدة إليهم ، وهي لموسى أو له وللسبعين المختارين ، لأنّها لابستهم ، واتّصلت بهم ، حيث كانت لنبيّهم ونقبائهم ، وإليهم رجعت منافعها الّتي قام بها دينهم وشرعهم.
(وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) يعني : في التيه. وقد مرّ ذلك مفصّلا في سورة البقرة (١).
(كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) لذائذه المحلّلة. وقرأ حمزة والكسائي : أنجيتكم ... وواعدتكم ... وما رزقتكم ، على التاء. (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) فيما رزقناكم بالكفران ، والإخلال بشكره ، والتعدّي لما حدّ الله لكم فيه ، بأن تنتفعوا به في المعاصي ، وتمنعوه من حقوق الفقراء فيه ، وتسرفوا في إنفاقه ، وتبطروا فيه وتتكبّروا.
__________________
(١) راجع ج ١ ص ١٥٣.