شرح نهج البلاغة ، قائلا : «إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لمّا أخرج من بيته ، وجاؤا به إلى أبي بكر ، اخرج ملبّبا يرفض رفضا. فما مرّ على ملأ إلّا قالوا : اذهب وبايع.
فمرّ على مربض غنم فوجد شياها ، فقال : لو أنّ لي بعدد هذه الشياه أنصارا لأزلت ابن آكلة الأكباد عن مكانه. فلمّا وافى المسجد وجد سيوف بني أميّة مشهورة.
فقال له عمر منتهرا : إلى كم تقيم في بيتك تنتظر نزول الوحي عليك؟ مدّ يدك فبايع ، وادخل فيما دخل فيه الناس. قال : فإن لم أبايع؟ قال : تقتل صغارا لك وذلّا». (١)
(قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (٩٥) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (٩٧) إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨))
ولمّا سمع موسى عليهالسلام اعتذار هارون أقبل على السامريّ (قالَ) منكرا (فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) ما طلبك له؟ وما الّذي حملك عليه؟ وهو مصدر : خطب الشيء إذا طلبه.
(قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي : علمت ما لم يعلم بنو إسرائيل ، وفطنت لما
__________________
(١) راجع شرح النهج لابن أبي الحديد ٦ : ٤٥. ففيه ما يقرب المتن هنا. والظاهر أن جملة «لو أنّ لي ـ إلى ـ ابن آكلة الأكباد عن مكانه» زائدة من زلّة القلم أو زيادات النسّاخ ، إذ لم يكن لمعاوية حينذاك شأن يذكر حتى يخاطبه عليهالسلام بهذا الكلام.