الشمس ، فإنّه ليس فيها شمس ، وإنّما فيها ضياء ونور وظلّ ممدود. يعني : أنّ لك أسباب الكفاية في الجنّة ، والأقطاب الّتي يدور عليها كفاف الإنسان ، من الشبع والريّ والكسوة والكنّ (١). فذكر سبحانه استجماعها له في الجنّة ، وأنّه مكفيّ لا يحتاج إلى كفاية كاف ، ولا إلى كسب كاسب ، كما أنّ أهل الدنيا يحتاجون إلى ذلك. وذكرها بلفظ النفي لنقائضها الّتي هي الجوع والعرى والظمأ والضحو ، ليطرق سمعه بأسامي أصناف الشقوة الّتي حذّره منها ، حتّى يتحذّر عن السبب الموقع فيها كراهة لها.
والواو العاطفة وإن نابت عن «إنّ» لكنّها نابت من حيث إنّها نابت عن كلّ عامل ، ولم يكن حرفا موضوعا للتحقيق خاصّة. فدخولها على «أن» لا من حيث إنّها حرف تحقيق ، فلا يمتنع اجتماعها مع «أن» كما امتنع اجتماع «إنّ» و «أن». فلا يرد أنّ «إنّ» لا تدخل على «أن» ، فلا يقال : إنّ أن زيدا منطلق ، والواو نائبة عن «إنّ» وقائمة مقامها ، فلم أدخلت عليها؟
وقرأ نافع وأبو بكر : وإنّك لا تظمأ ، بكسر الهمزة. والباقون بفتحها.
(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١٢٠) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (١٢١) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (١٢٢) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣))
__________________
(١) الكنّ : البيت.