(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧))
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) عن الهدى الذاكر لي ، والداعي إلى عبادتي (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) ضيّقا. مصدر وصف به ، ولذلك يستوي فيه المذكّر والمؤنّث. وذلك لأنّ المعرض عن الدين مجامع همّته ومطامح نظره تكون إلى أعراض الدنيا ، متهالكا مفرط الحرص على ازديادها ، خائفا على انتقاصها ، شحيحا على إنفاقها ، بخلاف المؤمن الطالب للآخرة ، فإن مع الدين التسليم والقناعة والتوكّل على الله وعلى قسمته ، فصاحبه ينفق ما رزقه بسماح وسهولة ، فيعيش عيشا رافها ، كما قال عزوجل : (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) (١). مع أنّه تعالى قد يضيّق بشؤم الكفر ، ويوسّع ببركة الإيمان ، كما قال : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) (٢). وقال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) (٣). (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٤). وقال :
__________________
(١) النحل : ٩٧.
(٢) البقرة : ٦١.
(٣) المائدة : ٦٦.
(٤) الأعراف : ٩٦.