يعلم أنّهم متناجون.
(الَّذِينَ ظَلَمُوا) بدل من واو «وأسرّوا» للإيماء بأنّهم الموسومون بالظلم الفاحش فيما أسرّوا به. أو فاعل له ، والواو لعلامة الجمع على لغة من قال : أكلوني البراغيث. أو مبتدأ والجملة المتقدّمة خبره. وأصله : وهؤلاء أسرّوا النجوى. فوضع المظهر موضع المضمر ، تسجيلا على فعلهم بأنّه ظلم. أو منصوب على الذمّ.
وقوله : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) في موضع النصب بدلا من النجوى ، أو مفعولا لقول مقدّر. كأنّهم استدلّوا بكونه بشرا على كذبه في ادّعاء الرسالة ، لاعتقادهم أنّ الرسول لا يكون إلّا ملكا ، واستلزموا منه أنّ ما جاء به من الخوارق ـ كالقرآن ـ سحر ، فلذلك قالوا على سبيل الإنكار : (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) أي : أفتحضرون السحر وأنتم تشاهدون وتعاينون أنّه سحر؟! وإنّما أسرّوا بهذا الحديث وبالغوا في إخفائه ، تشاورا في استنباط ما يهدم أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويظهر فساده للناس عامّة ، فينفّروهم عنه بشيئين : أحدهما : أنّه بشر. والآخر : أنّ ما أتى به سحر.
(قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤) بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧))
ثم أمر سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : (قالَ) يا محمّد. وقرأ حمزة والكسائي وحفص : قال ، بالإخبار عن رسوله. يعني : قال محمّد لهؤلاء الكفرة المتشاورين سرّا : (رَبِّي يَعْلَمُ