الأخلاق الّتي كنتم تطلبون بها الثناء وحسن الذكر ، كحسن الجوار ، والوفاء بالعهد ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، والسخاء ، وما أشبه ذلك من الأخلاق السنيّة ، والخلال المرضيّة ، والخصال المحمودة. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) فتؤمنون.
(وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (١٤) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥))
ثمّ بيّن سبحانه ما فعله بالمكذّبين ، ليتخوّفوا ويجتنبوا من الكفر والمعاصي ، فقال : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ) هذا كلام وارد عن غضب شديد عظيم ، لأنّ القصم أفظع الكسر ، وهو الكسر الّذي يبين تلاؤم الأجزاء ، بخلاف الفصم ، فإنّه من غير أن يبين. وأراد بالقرية أهلها ، ولذلك وصفهم بالظلم بقوله : (كانَتْ ظالِمَةً) فإنّها صفة لأهلها حقيقة ، وصفت بها لمّا أقيمت مقامه. فالمعنى : أهلكنا قوما ظالمين. (وَأَنْشَأْنا بَعْدَها) بعد إهلاك أهلها (قَوْماً آخَرِينَ) مكانهم.
وعن ابن عبّاس : أنّه حضور. وهي وسحول قريتان باليمن ، تنسب إليهما الثياب.
في الحديث : كفّن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ثوبين سحوليّين. وروي : حضوريّين.
قيل : إنّ الله تعالى بعث إلى الحضوريّين نبيّا فقتلوه ، فسلّط الله عليهم بختنصّر ، كما سلّطه على أهل بيت المقدس ، فاستأصلهم. وروي أنّه لمّا أخذتهم السيوف ، ونادى مناد من السماء : يا لثارات الأنبياء ، ندموا واعترفوا بالخطإ ، وذلك حين لم ينفعهم الندم.
وصدر الآية يدلّ على كثرة القرى. ولعلّ ابن عبّاس ذكر «حضور» بأنّها إحدى