(٢٦) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩))
ثمّ قرّر ما سبق من آي التوحيد بقوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ) لا معبود على الحقيقة (إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) فوجّهوا العبادة إليّ دون غيري. وهذا تعميم بعد تخصيص ، فإنّ ذكر «من قبلي» من حيث إنّه خبر لاسم الاشارة مخصوص بالموجود بين أظهرهم ، وهو الكتب الثلاثة.
ثمّ ردّ قول خزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، فقال : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ) تنزيه له عن ذلك (بَلْ عِبادٌ) بل هم عباد من حيث إنّهم مخلوقون ، والمعبوديّة تنافي الولادة (مُكْرَمُونَ) مقرّبون مفضّلون على سائر العباد ، لما هم عليه من أحوال وصفات ليست لغيرهم ، فذلك هو الّذي غرّ منهم من زعم أنّهم أولاد الله ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
(لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) لا يقولون شيئا حتّى يقوله ، كما هو عادة العبيد المؤدّبين.
وأصله : لا يسبق قولهم قوله ، فنسب السبق إليه وإليهم ، وجعل القول محلّه وأداته ، تنبيها على استهجان السبق المعرض به للقائلين على الله ما لم يقله. وأنيبت اللام مناب الإضافة اختصارا ، واحترازا عن تكرير الضمير.
(وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) لا يعملون قطّ ما لم يأمرهم به. يعني : كما أنّ قولهم تابع لقوله ، فعملهم أيضا كذلك مبنيّ على أمره.
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) لا تخفى عليه خافية ممّا قدّموا وأخّروا. وهو كالعلّة لما قبله ، والتمهيد لما بعده. كأنّه قال : لمّا علمت الملائكة يقينا بأنّ جميع ما يأتون