الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٣١) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣))
ثمّ قال تقريعا للكفرة : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أو لم يعلموا. وقرأ ابن كثير بغير واو. (أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً) ذواتي رتق ، أو مرتوقتين ، وهو الضمّ والالتحام ، أي : كانتا شيئا واحدا ، وحقيقة متّحدة. (فَفَتَقْناهُما) بالتنويع والتمييز ، وجعلنا كلّا منهما سبع طبقات. أو كانت السماوات واحدة ، ففتقت بالتحريكات المختلفة حتّى صارت أفلاكا. وكانت الأرضون واحدة ، فجعلت باختلاف كيفيّاتها وأحوالها طبقات أو أقاليم.
وقيل : كانت السماء لاصقة بالأرض لا فضاء بينهما ، ففرّج.
وقيل : كانتا رتقا لا تمطر ولا تنبت ، ففتقناهما بالمطر والنبات. وهو المرويّ عنهم عليهمالسلام. فيكون المراد بالسماوات سماء الدنيا ، كما نقل عن عكرمة وعطيّة وابن زيد. وجمعها باعتبار الآفاق. أو السماوات بأسرها ، على أنّ لها مدخلا مّا في الأمطار.
والكفرة وإن لم يعلموا ذلك ، فهم متمكّنون من العلم به نظرا ، فإنّ تلاصق الأرض والسماء وتباينهما جائز في العقل ، فلا بدّ للتباين دون التلاصق من مخصّص ، وهو القديم سبحانه. وأيضا الفتق عارض مفتقر إلى مؤثّر واجب ابتداء أو بوسط. أو استفسارا من العلماء ، أو مطالعة الكتب السالفة ، أو القرآن الّذي هو معجزة في نفسه ، فقام مقام المرئيّ المشاهد.
وإنّما قال : «كانتا» ولم يقل : «كنّ» لأنّ المراد جماعة السماوات وجماعة الأرض.