والمعنى : أنّهم عاكفون بهممهم على ذكر آلهتهم ، وما يجب أن لا تذكر به ، من كونهم شفعاء وشهداء ، ويسوؤهم أن يذكرها ذاكر بخلاف ذلك. وأمّا ذكر الله عزوجل ، وما يجب أن يذكر به من الوحدانيّة ، فهم به كافرون ، لا يصدّقون به أصلا. فهم أحقّ بأن يتّخذوا هزوا منك ، فإنّك محقّ وهم مبطلون.
وتكرير الضمير للتأكيد والتخصيص ، ولحيلولة الصلة بين الضمير وبين الخبر.
والجملة في موضع الحال ، أي : يتّخذونك هزوا وهم على حال هي أصل الهزء والسخريّة.
وهي الكفر بالله.
وقيل : يعني «بذكر الرحمن» قولهم : ما نعرف الرحمن إلّا مسيلمة. وقولهم : (وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) (١).
(خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠))
روي عن عطاء : أنّ النضر بن الحرث وأضرابه استعجلوا العذاب عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنكارا واستهزاء ، ويقولون : متى هذا الوعد؟ فأراد الله سبحانه زجرهم ونهيهم عن الاستعجال ، فقدّم أوّلا ذمّ الإنسان على إفراط العجلة ، وأنّ لزومها له على وجه كأنّه مطبوع عليها ، فقال :
__________________
(١) الفرقان : ٦٠.