إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣))
(قالَ) إنكارا لعبادتهم لها ، بعد اعترافهم بأنّها جمادات (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ) لا تنفع ولا تضرّ ، بعيدة جدّا عن رتبة الألوهيّة ، وتضجّرا ممّا رأى من ثباتهم على عبادتها بعد انقطاع عذرهم ، وبعد وضوح الحقّ وزهوق الباطل.
(أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) «أفّ» صوت إذا صوّت به علم أنّ صاحبه متضجّر. واللام لبيان المتأفّف به ، أي : لكم ولآلهتكم هذا التأفّف. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) قبح صنيعكم.
ولمّا عجزوا عن المحاجّة وغلبوا ، أجمعوا رأيهم بإهلاكه (قالُوا حَرِّقُوهُ) فإنّ النار أهول ما يعاقب به (وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ) بالانتقام لها (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) ناصرين لها نصرا مؤزّرا ، فاختاروا له أهول المعاقبات ، وهي الإحراق بالنار ، وإلّا فرّطتم في نصرتها. ولهذا عظّموا النار ، وتكلّفوا في تشهير أمرها ، وتفخيم شأنها ، ولم يألوا جهدا في ذلك. وهكذا حال المبطل إذا قرعت شبهته بالحجّة وافتضح ، لم يكن أحد أبغض إليه من المحقّ ، ولم يبق له مفزع إلّا مناصبته ، كما فعلت قريش برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين عجزوا عن المعارضة.
والقائل بالتحريق فيهم رجل من أكراد فارس اسمه هيون ، خسف به الأرض ، فهو يتجلجل (١) فيها إلى يوم القيامة. وقيل : نمروذ.
__________________
(١) تجلجل في الأرض أي : ساخ فيها ودخل.