العالمين : أنّ أكثر الأنبياء بعثوا فيه ، فانتشرت في العالمين شرائعهم الّتي هي مبادئ الكمالات والخيرات الدينيّة والدنيويّة.
وقيل : بارك الله فيه بكثرة الماء والشجر والثمر ، والخصب الغالب ، وطيب عيش الغنيّ والفقير.
وعن سفيان : أنّه خرج إلى الشام ، فقيل له : إلى أيّ موضع؟ فقال : إلى بلد يملأ فيه الجراب (١) بدرهم.
وقيل : ما من ماء عذب إلّا وينبع أصله من تحت الصخرة الّتي ببيت المقدس.
وروي : أنّه نزل بفلسطين ، ولوط بالمؤتفكة ، وبينهما مسيرة يوم وليلة.
وعن ابن عبّاس : نجّاهما إلى مكّة ، كما قال : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) (٢).
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) عطيّة محض تفضّل منّا زائدة. فهي حال منهما. أو أعطيناه يعقوب هبة زائدة ، فإنّه سألنا ولدا حين قال : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (٣). ونحن وهبناه ولدا وولد ولد. فعلى هذا الحال تختصّ بيعقوب. ولا بأس به ، للقرينة.
(وَكُلًّا) يعني : الأربعة (جَعَلْنا صالِحِينَ) للنبوّة. أو وفّقناهم للصلاح ، وحملناهم عليه ، فصاروا كاملين.
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) يقتدى بهم (يَهْدُونَ) الناس إلى طريق الحقّ (بِأَمْرِنا) لهم بذلك ، وإرسالنا إيّاهم ، حتّى صاروا مكمّلين عبادنا.
وفيه إشارة إلى أنّ من صلح ليكون قدوة في دين الله عزوجل ، فالهداية محتومة عليه ،
__________________
(١) الجراب : وعاء من جلد. وجمعه أجربة.
(٢) آل عمران : ٩٦.
(٣) الصافّات : ١٠٠.