من أن يقول : فلا نكفر سعيه. (وَإِنَّا لَهُ) لسعيه (كاتِبُونَ) مثبتون في صحيفة عمله ، بأن نأمر ملائكتنا أن يكتبوا ذلك ويثبتوه ، وما نحن مثبتوه فهو غير ضائع ، ويثاب عليه صاحبه.
(وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (٩٥) حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧))
ثم هدّد كفّار مكّة بأنّهم إن عذّبوا وأهلكوا ، لم يرجعوا إلى الدنيا لجبران ما فات منهم من الإيمان والعمل الصالح ، كغيرهم من الأمم المهلكة السابقة ، فقال : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ) أي : ممتنع على أهلها غير متصوّر منهم. فاستعير الحرام للممتنع وجوده.
ومنه قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ). (١) أي : منعهما منهم ، وأبى أن يكونا لهم.
وقرأ أبو بكر وحمزة والكسائي : وحرم ، بكسر الحاء وسكون الراء. وهما لغتان ، كحلال وحلّ.
(أَهْلَكْناها) حكمنا بإهلاكها ، أو وجدناها هالكة بالعقوبة (أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) «لا» مؤكّدة لمعنى الامتناع ، والجملة الاسميّة مرفوع المحلّ بالابتداء ، و «حرام» خبره ، أو بأنّه فاعل له سادّ مسدّ خبره. والمعنى : ممتنع عليهم البتّة رجوعهم إلى الدنيا للتوبة عن الكفر والمعاصي ، وكسب الايمان والعمل الصالح.
__________________
(١) الأعراف : ٥٠.