(إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) (١). فإذا جاءت الفاء معها تعاونتا على وصل الجزاء بالشرط ، فيتأكّد. ولو قيل : إذا هي شاخصة ، أو فهي شاخصة ، كان سديدا. والضمير للقصّة ، أو مبهم يفسّره الأبصار.
(يا وَيْلَنا) أي : يقولون هذه الكلمة. وهو واقع موقع الحال من الموصول ، تقديره : قائلين يا ويلنا. (قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) أي : غفلنا عن هذا اليوم وصحّة وقوعه ، لاشتغالنا بأمور الدّنيا (بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) لأنفسنا بالإخلال بالنظر والتفكّر فيه.
(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠))
ثمّ هدّد سبحانه مشركي مكّة ، فقال خاطبا لهم : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني : الأوثان (حَصَبُ جَهَنَّمَ) ما يحصب به ، أي : ما يرمى به إليها وتهيج به. من : حصبه يحصبه إذا رماه بالحصباء.
ويحتمل أن يراد بقوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) الأصنام وإبليس وأعوانه ، لأنّهم بطاعتهم لهم واتّباعهم خطواتهم في حكم عبدتهم. ويصدّقه ما روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل المسجد وصناديد قريش في الحطيم ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستّون صنما ، فجلس إليهم ، فعرض له صلىاللهعليهوآلهوسلم النظر بن الحارث ، فكلّمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى أسكته ، ثمّ تلا عليهم (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الآية.
فأقبل عبد الله بن الزبعرى فرآهم يتسارّون. فقال : فيم خوضكم؟ فأخبره الوليد بن
__________________
(١) الروم : ٣٦.