(مَدْحُوراً) مبعدا من رحمة الله تعالى.
(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً (٤٠) وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤١))
(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ) خطاب لمن قالوا : الملائكة بنات الله. والهمزة للإنكار. والمعنى : أفخصّكم ربّكم بأفضل الأولاد وهم البنون. (وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) بنات لنفسه؟! وهذا خلاف ما عليه عقولكم وعادتكم (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) بإضافة الأولاد إليه ، وهي خاصّة بالأجسام لسرعة زوالها ، ثمّ بتفضيل أنفسكم عليه حيث تجعلون له ما تكرهون ، ثمّ. يجعل الملائكة الّذين هم من أشرف خلق الله أدونهم.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) كرّرنا الدلائل ، وفصّلنا العبر ، بوجوه من تقرير التوحيد (فِي هذَا الْقُرْآنِ) في مواضع منه. وترك المفعول لدلالة الكلّي عليه ، وعلم السامع به. ويجوز أن يراد بهذا القرآن إبطال إضافة البنات إليه ، لأنّه ممّا صرفه وكرّر ذكره. والمعنى : ولقد صرّفنا القول في هذا المعنى ، أو أوقعنا التصريف فيه. (لِيَذَّكَّرُوا) ليتذكّروا. وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي الفرقان (١) : ليذكروا ، من الذكر الّذي بمعنى التذكّر. يعني : كرّرناه ليتّعظوا ويعتبروا ويطمئنّوا إلى ما يحتجّ به عليهم.
(وَما يَزِيدُهُمْ) وما يزيد هؤلاء الكفّار تصريف الأمثال والدلائل لهم (إِلَّا نُفُوراً) عن الحقّ ، وقلّة طمأنينة إليه. وأضاف النفور إلى القرآن ، لأنّهم ازدادوا النفور عند
__________________
(١) الفرقان : ٥٠.