المكاس (١) في شرائها.
روي : أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أهدى مائة بدنة ، فيها جمل في أنفه برّة (٢) من ذهب.
وكان ابن عمر يسوق البدن مجلّلة بالقباطي (٣) ، فيتصدّق بلحومها وبجلالها (٤).
(فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) فإنّ تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب. فحذفت هذه المضافات. ولا يستقيم المعنى إلّا بتقديرها ، لأنّه لا بدّ من عائد من الجزاء إلى «من» ليرتبط به. وذكر القلوب لأنّها مراكز التقوى الّتي إذا ثبت فيها وتمكّنت ظهر أثرها في سائر الأعضاء ، فإنّها منشأ التقوى والفجور ، والآمرة بهما.
(لَكُمْ فِيها) في الهدايا (مَنافِعُ) من درّها ونسلها وصوفها وظهرها (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) إلى أن تنحر ، ويتصدّق بلحومها ، ويؤكل منها (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ثمّ وقت نحرها منتهية إلى البيت من الحرم ، فإنّ المراد نحرها في الحرم الّذي هو في حكم البيت ، لأنّ الحرم هو حريم البيت. ومثل هذا في الاتّساع قولك : بلغنا البلد. وإنّما شارفتموه ، واتّصل مسيركم بحدوده.
و «ثمّ» تحتمل التراخي في الوقت ، والتراخي في الرتبة ، أي : لكم فيها منافع دنيويّة إلى وقت النحر ، وبعده منافع دينيّة أعظم منها. وهو على القولين الأولين إمّا متّصل بحديث الأنعام ، والضمير فيه لها. أو المراد على الأول : لكم فيها منافع دينيّة تنتفعون بها إلى أجل مسمّى هو الموت ، ثم محلّها منتهية إلى البيت العتيق الّذي ترفع إليه الأعمال ، أو يكون فيه ثوابها ، وهو البيت المعمور أو الجنّة. وعلى الثّاني : لكم فيها منافع التجارات في الأسواق إلى وقت المراجعة ، ثمّ وقت الخروج منها منتهية إلى الكعبة بالإحلال بطواف الزيارة. ولا يخفى أنّ المعنى الأوّل أظهر وأنسب كما قلنا ،
__________________
(١) المكاس : استحطاط الثمن واستنقاصه في البيع.
(٢) أي : حلقة.
(٣) القباطيّ : ثياب من كتّان ، منسوبة إلى القبط. والواحدة : القبطيّة.
(٤) الجلال : للدابّة كالثوب للإنسان تصان به. والواحدة : الجلّ.