فيكون المراد بشعائر الله الهدايا.
واعلم أنّ عند أصحابنا إن كان الهدي للحجّ فمحلّه منى ، وإن كان للعمرة المفردة فمحلّه مكّة قبالة الكعبة بالحزورة (١). وهذا القول ثابت بالروايات المأثورة عن أئمّتنا عليهمالسلام.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥))
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) ولكلّ أهل دين (جَعَلْنا مَنْسَكاً) شرعنا أن ينسكوا ، أي : يتعبّدوا ، أو يذبحوا لوجه الله. وقرأ حمزة والكسائي بالكسر ، أي : موضع نسك. (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) على النسائك دون غيره ، ويجعلوا نسيكتهم لوجه الله. وتعليل الجعل به للتنبيه على أنّ المقصود من المناسك تذكّر المعبود. (عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) أي : عند ذبحها. وفيه تنبيه على أنّ القربان يجب أن يكون نعما.
(فَإِلهُكُمْ) فمعبودكم الّذي توجّهون إليه العبادة (إِلهٌ واحِدٌ) لا شريك له (فَلَهُ أَسْلِمُوا) أخلصوا له الذكر ، ولا تشوبوه بالإشراك (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) المتواضعين ، أو المخلصين ، فإنّ الإخبات صفتهم. وهو من الخبت ، وهو المطمئنّ من الأرض. وقيل : هم الّذين لا يظلمون ، وإذا ظلموا لم ينتصروا.
__________________
(١) الحزورة : كانت سوق مكّة ، وقد دخلت في المسجد لمّا زيد فيه. معجم البلدان ٢ : ٢٥٥.