وفي الآية دلالة على أنّ الذبائح غير مختصّة بهذه الأمّة ، وأنّ التسمية على الذبح كانت مشروعة قبلنا.
ثمّ وصف المخبتين بقوله : (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ) إذا خوّفوا بالله (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) هيبة منه ، لإشراق اشعّة جلاله على قلوبهم (وَالصَّابِرِينَ) وبشّرهم (عَلى ما أَصابَهُمْ) من التكاليف في طاعة الله ، وسائر المصائب والنوائب (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) في أوقاتها ، كما أمر الله تعالى بها (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في وجوه الخير.
(وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦))
ثمّ عاد إلى ذكر الشعائر بقوله : (وَالْبُدْنَ) جمع بدنة ، كخشب وخشبة. وأصله الضمّ من : بدن بدانة. سمّيت بها الإبل ، لعظم بدنها. وانتصابه بفعل يفسّره (جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) من أعلام الشريعة الّتي شرعها الله تعالى. وإضافته إلى اسمه تعظيم لها.
و «من» متعلّقة بفعل محذوف ، أي : جعلنا لكم وجعلناها من شعائر الله.
(لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) أي : منافع دينيّة ودنيويّة ، كقوله تعالى : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) (١) (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها) أي : في حال نحرها. قال ابن عبّاس : بأن تقول عند ذبحها : الله أكبر لا إله إلّا الله والله أكبر ، اللهمّ منك وإليك. (صَوافَ) قائمات قد صففن ايديهنّ وأرجلهنّ ، وربطت اليدان من كلّ واحد منها ما بين الرسغ (٢) إلى الركبة.
__________________
(١) الحجّ : ٣٣.
(٢) الرسغ : الموضع المستدقّ بين الحافر وموصل الوظيف من اليد والرجل. والمفصل ما بين الساعد والكفّ أو الساق والقدم. ومثل ذلك من الدابّة.