(فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها) سقطت على الأرض. من : وجب الحائط وجبة إذا سقط.
ووجبت الشمس وجبة : غربت. ووجوب الجنوب فيها كناية عن تمام خروج الروح منها.
(فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ) الراضي بما عنده ، وبما يعطي من غير مسألة (وَالْمُعْتَرَّ) والمتعرّض للسؤال. وعن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «القانع : الّذي يسأل فيرضى بما أعطي ، والمعتر : الّذي يعتري ولا يسأل».
والأمر في الثلاثة للوجوب في حجّ التمتّع عندنا ، لقول الصادق عليهالسلام : «إذا ذبحت ونحرت فكل وأطعم ، كما قال الله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)».
(كَذلِكَ) مثل ما وصفناه من نحرها قياما (سَخَّرْناها لَكُمْ) مع عظمها وقوّتها ، حتّى تأخذوها منقادة ، فتعقلوها وتحبسوها صافّة قوائمها ، ثمّ تطعنون في لبّاتها (١).
ولو لا تسخير الله لم تطق ، ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش الّتي هي أصغر منها جرما وأقلّ قوّة. (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) إنعامنا عليكم بالتقرّب والإخلاص.
(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧))
قيل : كان أهل الجاهليّة إذا ذبحوا القرابين لطخوا الكعبة بدمائها للتقرّب ، فهمّ به المسلمون ، فنزلت : (لَنْ يَنالَ اللهَ) لن يصيب رضاه ، ولن يقع منه موقع القبول (لُحُومُها) المتصدّق بها (وَلا دِماؤُها) المهراقة بالنحر من حيث إنّها لحوم ودماء (وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) ولكن يصيبه ما يصحبه من تقوى قلوبكم الّتي تدعوكم إلى تعظيم أمر الله ، والتقرّب إليه والإخلاص له.
وتنقيح المعنى : لن يرضي المضحّون والمقرّبون ربّهم بهذه الأعمال إلّا بمراعاة نيّة
__________________
(١) اللّبّة : المنحر وموضع القلادة من الصدر. وجمعها : لبّات.