الإخلاص ، وقصد الاحتفاظ بشرط التقوى في حلّ ما قرّب به ، وهي امتثال أوامره والانتهاء عن نواهيه ، وإخراج ملك البدن من مال طيّب لا شبهة فيه ، عن سخاء نفس ، فإنّ الطبيعة شحيحة ، ومخالفتها من التقوى ، فإذا لم يراعوا ذلك لم تغن عنهم التضحية.
(كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ) كرّره تذكيرا للنعمة ، وتعليلا له بقوله : (لِتُكَبِّرُوا اللهَ) أي : لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره ، فتوحّدوه بالكبرياء. وقيل : هو التكبير عند الإحلال أو الذبح. (عَلى ما هَداكُمْ) أرشدكم إلى طريق تسخيرها ، وكيفيّة التقرّب بها. و «ما» تحتمل المصدريّة والخبريّة. و «على» متعلّقة بـ «تكبّروا» لتضمّنه معنى الشكر. (وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) المخلصين فيما يأتونه ويذرونه.
(إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠))
ثمّ بيّن سبحانه دفع غائلة المشركين عن المؤمنين ، بشارة لهم بالنصر ، فقال : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) يمنعهم عن شرور الكفّار وأذيّاتهم ، وينصرهم عليهم. وقرأ نافع وابن عامر والكوفيّون : يدافع ، أي : يبالغ في الدفع مبالغة من يغالب فيه ، لأنّ فعل المغالب أقوى وأبلغ.
ثمّ جعل العلّة في اختصاص المؤمنين بدفعه عنهم ، ونصرته لهم ، بالجملة