ساكنيه؟ فترك ذلك لدلالة «معطّلة» عليه.
وروي : أنّ هذه بئر نزل عليها صالح عليهالسلام مع أربعة آلاف نفر ممّن آمن به ، ونجّاهم الله من العذاب. وهي بحضرموت. وإنّما سمّيت بذلك ، لأنّ صالحا حين حضرها مات.
وقيل : بئر في سفح جبل بحضرموت ، وقصر مشرف على قلّته.
وقيل : بلدة عند البئر اسمها : حاضوراء ، بناها قوم صالح ، وأمّروا عليهم جلهس بن جلّاس ، وأقاموا بها زمانا ، ثمّ كفروا وعبدوا صنما ، وأرسل الله إليهم حنظلة بن صفوان نبيّا فقتلوه ، فأهلكهم الله ، وعطّل بئرهم ، وخرّب قصورهم.
وقيل : أصحاب الآبار ملوك البدو ، وأصحاب القصور ملوك الحضر.
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦))
ثمّ حثّ سبحانه على الاعتبار بمصارع من أهلكهم الله من الكفّار الّذين كذّبوا رسلهم ، فقال : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) أفلم يسافروا فيها ليروا مصارع المهلكين فيعتبروا؟ وهم وإن كانوا سافروا ، لكن لم يسافروا على وجه الاعتبار والتأمّل. ويحتمل أنّهم لم يسافروا ، فحثّوا على السفر ليروا مصارع من أهلكهم الله بكفرهم ، ويشاهدوا آثارهم فيعتبروا.
(فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها) ما يجب أن يعقل من التوحيد ، بما حصل لهم من الاستبصار ، والاستدلال بما نزل على من أشرك قبلهم (أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها) ما يجب أن يسمع من الوحي والتذكير بحال من شاهدوا آثارهم.
(فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) الضمير للقصّة. أو مبهم يفسّره «الأبصار». وفي «تعمى» راجع إليه. والمعنى : فإنّ إبصارهم صحيحة سالمة لا عمى بها. (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) عن الاعتبار ، أي : ليس الخلل في مشاعرهم ، وإنّما إيفت عقولهم باتّباع الهوى ، والانهماك في التقليد. وذكر الصدور للتأكيد ، ونفي التجوّز ، كقوله :