يوما واحدا عنده كألف سنة عندكم.
وقيل : معناه : كيف يستعجلون بعذاب من يوم واحد من أيّام عذابه في طول ألف سنة من سنّيكم؟ من حيث إنّ اليوم الواحد لشدّة عذابه كألف سنة من سنيّ العذاب. وقرأ ابن كثير والكسائي وحمزة بالياء.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨))
ثمّ نبّه سبحانه على أنّ الإملاء والإهمال لا يمنعهم من العذاب ، كما لا يمنع الأمم السالفة منه ، فقال : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ) وكم من أهل قرية. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في الإعراب ورجع الضمائر والأحكام ، مبالغة في التعميم والتهويل.
وإنّما عطف الأولى بالفاء وهذه بالواو ، لأنّ الأولى بدل من قوله : (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) ، وهذه حكمها حكم ما تقدّمها من الجملتين المعطوفتين بالواو ، أعني : قوله : (وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) وإنّ يوما عند ربّك كألف سنة لبيان أن المتوعّد به يحيق بهم لا محالة ، وأنّ تأخيره لعادته تعالى. والمعنى : وكم من أهل قرية كانوا مثلكم ظالمين.
(أَمْلَيْتُ لَها) أنظرتهم حينا كما أمهلتكم (وَهِيَ ظالِمَةٌ) وهم ظالمون مثلكم (ثُمَّ أَخَذْتُها) أخذتهم بالعذاب (وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) وإلى حكمي مرجع الجميع.
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٤٩) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١))
ثمّ خاطب سبحانه نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (قُلْ) لهم (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي : أوضح لكم ما أنذركم به. والاقتصار على الإنذار مع عموم الخطاب ـ الّذي