(إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) إلى أن يتأوّلوا ما يتشابه في الدين بالتأويلات الصحيحة بوسيلة النظر الصحيح ، ويطلبوا لما أشكل منه المحمل الّذي تقتضيه الأصول المحكمة والقوانين الممهّدة ، لئلّا تعتريهم شبهة ، ولا تخالجهم مرية ، ولا تزلّ أقدامهم.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ) في شكّ (مِنْهُ) من القرآن ، أو الرسول ، أو ممّا ألقى الشيطان في أمنيّته. يقولون : ما باله ذكرها بخير ثمّ ارتدّ عنها؟ (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ) القيامة ، أو أشراطها ، أو القيامة الصغرى ، وهي الموت (بَغْتَةً) فجأة (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) يوم حرب ، كيوم بدر. سمّي به ، لأنّ أولاد النساء يقتلون فيه ، فيصرن كأنّهنّ لم يلدن. أو لأنّ المقاتلين أبناء الحرب ، فإذا قتلوا صارت عقيما ، فوصف اليوم بوصفها تجوّزا. أو لأنّه لا خير لهم فيه. ومنه : الريح العقيم لما لم تنشئ مطرا ولم تلقح شجرا. أو لأنّه لا مثل له في عظم أمره ، لقتال الملائكة فيه. أو يوم القيامة ، على أنّ المراد بالساعة الموت أو أشراطها. أو على وضعه موضع ضميرها للتهويل. كأنّه قيل : تأتيهم الساعة أو يأتيهم عذابها.
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩))
ولمّا تقدّم ذكر القيامة بيّن صفتها ، فقال : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) التنوين فيه ينوب عن الجملة الّتي دلّت عليها الغاية ، أي : الملك يوم تزول مريتهم لا يملك أحد سواه شيئا ،