ثمّ بيّن قدرته بالدلالة الواضحة ، فقال : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) استفهام تقرير ، ولذا رفع قوله : (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) عطفا على «أنزل» ، إذ لو نصب جوابا لدلّ على نفي الاخضرار ، والمقصود إثباته بالنبات لا نفيه ، كما تقول لصاحبك : ألم تر أنّي أنعمت عليك فتشكر ، إن نصبته فأنت ناف لشكره شاك تفريطه فيه ، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر. وإنّما عدل عن صيغة الماضي ، للدلالة على بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان ، كما تقول : أنعم عليّ فلان عام كذا ، فأروح وأغدو شاكرا له. فلو قلت : فرحت وغدوت ، لم يقع ذلك الموقع.
(إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) يصل علمه أو لطفه إلى كلّ ما جلّ ودقّ (خَبِيرٌ) بالتدابير الظاهرة والمصالح الباطنة.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) له التصرّف في جميع ذلك خلقا وملكا (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُ) في ذاته عن كلّ شيء (الْحَمِيدُ) المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) من الحيوانات والجمادات ، وجعلها معدّة لمنافعكم (وَالْفُلْكَ) عطف على «ما» أو على اسم «أنّ» (تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ) حال منها أو خبر.