(ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) ضعف الذباب الّذي يطلب ما يسلب عن الصنم من العسل والطيب ، وضعف الصنم الّذي يطلب الذباب منه السلب. أو ضعف الصنم أن يطلب الذباب ليستنقذ منه ما سلبه. ولو حقّقت وجدت الطالب أضعف بدرجات ، لأنّ الذباب حيوان ، وهو جماد ، وهو غالب ، وذاك مغلوب.
وقيل : معناه : ضعف عابد الصنم الّذي يطلب إليه التقرّب ، ومعبوده الّذي هو المطلوب إليه.
(ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ما عرفوه حقّ معرفته. أو ما عظّموه حقّ عظمته. أو ما وصفوه حقّ صفته ، حيث أشركوا به ، وسمّوا باسمه ما هو أبعد الأشياء عنه مناسبة.
(إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌ) قادر على خلق الممكنات بأسرها (عَزِيزٌ) لا يغلبه شيء.
وآلهتهم الّتي يعبدونها عاجزة عن أقلّها ، مقهورة من أذلّها ، فكيف يتّخذونها آلهة شبيهة به؟!
(اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦))
ولمّا قرّر وحدانيّته في الألوهيّة ، ونفى أن يشاركه غيره في صفاتها ، بيّن أنّ له عبادا مصطفين للرسالة يتوسّل بإجابتهم ، والاقتداء بهم إلى عبادة الله سبحانه ، تقريرا للنبوّة ، وردّا لإنكار هم أن يكون الرسول من البشر ، وتزييفا لقولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (١). والملائكة بنات الله تعالى ، ونحو ذلك. فقال : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) يتوسّطون بينه وبين الأنبياء بالوحي (وَمِنَ النَّاسِ) يعني : الأنبياء ، يدعون سائرهم إلى الحقّ ، ويبلّغون إليهم ما نزل عليهم
__________________
(١) الزمر : ٣.