(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) مدرك للأشياء كلّها من المسموعات والمبصرات.
ثمّ ذكر الله سبحانه أنّه عالم بأحوال المكلّفين من مضى منهم ومن غبر ، فقال : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) عالم بواقعها ومترقّبها ، لا يخفى عليه خافية (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) كلّها ، لأنّه مالكها بالذات ، لا يسال عمّا يفعل من الاصطفاء وغيره ، وهم يسألون. فليس لأحد أن يعترض عليه في حكمه وتدابيره ، واختيار رسله.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧) وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨))
وبعد إبطال الشرك وإثبات التوحيد بالأدلّة الواضحة والحجج الباهرة ، دعا المؤمنين أوّلا إلى الصلاة الّتي هي أجلّ الطاعات وأفضلها ، ثمّ بغيرها من العبادات ، كالصوم والحجّ والزكاة ، ثمّ عمّ بالحثّ على سائر الخيرات ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) في صلاتكم. أمرهم بهما لأنّهم ما كانوا يفعلونهما أوّل الإسلام. وعبّر عن الصلاة بهما لأنّهما أعظم أركانها. قيل : المراد : اخضعوا لله وخرّوا له سجّدا.