(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩) أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١))
ولمّا وصفهم بالخشوع في الصلاة ، أتبعه الوصف بالإعراض عن اللغو ، ليجمع لهم الفعل والترك الشاقّين على الأنفس ، اللّذين هما قاعدتا بناء التكليف ، فقال : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ) عمّا لا يعنيهم من قول أو فعل ، كالهزل واللعب (مُعْرِضُونَ) لما بهم من الجدّ في الطاعات ما شغلهم عنه.
وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «هو أن يتقوّل الرجل عليك بالباطل ، أو يأتيك بما ليس فيك فتعرض عنه لله». وفي رواية أخرى : «أنّه الغناء والملاهي».
وإيثاره على : الّذين لا يلهون ، لأنّه أبلغ منه من وجوه ، وهي : جعل الجملة اسميّة ، وبناء الحكم على الضمير ، والتعبير عنه بالاسم ، وتقديم الصلة عليه ، وإقامة الإعراض مقام الترك ليدلّ على بعدهم عنه رأسا ، مباشرة وتسبّبا ، وميلا وحضورا ، فإنّ الإعراض أبلغ من الترك لغة وعرفا.
وكذلك قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) وصفهم بذلك بعد وصفهم بالخشوع في الصلاة ، ليدلّ على أنّهم بلغوا الغاية في القيام على الطاعات البدنيّة والماليّة ، والتجنّب