لقلّة ، كالقلامة والقمامة. (مِنْ طِينٍ) متعلّق بمحذوف ، لأنّه صفة لـ «سلالة». أو «من» بيانيّة. أو بمعنى سلالة ، لأنّها في معنى : مسلولة ، فتكون «من» ابتدائيّة كالأولى.
والمراد بالإنسان آدم عليهالسلام ، خلق من صفوة سلّت من الطين. أو الجنس ، فإنّهم خلقوا من سلالات جعلت نطفا بعد أدوار. قيل : المراد بالطين آدم ، لأنّه خلق منه ، والسلالة : نطفته.
(ثُمَّ جَعَلْناهُ) أي : جعلنا نسله ، فحذف المضاف (نُطْفَةً) بأن خلقناه منها.
يعني : خلقنا جوهر الإنسان أوّلا طينا ، ثمّ جعلنا جوهره بعد ذلك نطفة ، أو ثمّ جعلنا السلالة نطفة. وتذكير الضمير على تأويل الجوهر ، أو المسلول ، أو الماء. (فِي قَرارٍ مَكِينٍ) مستقرّ حصين. يعني : الرحم. وصفت بالمكانة الّتي هي صفة المستقرّ فيها مبالغة ، مثل : طريق سائر ، ونهر جار ، وميزاب سائل.
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) بأن أحلنا النطفة البيضاء علقة حمراء (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً) فصيّرناها قطعة لحم (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً) بأن صلّبناها (فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) أي : فأنبتنا اللحم عليها كاللباس ممّا بقي من المضغة ، أو ممّا أنبتنا عليها ممّا يصل إليها من المائيّة. واختلاف العواطف لتفاوت الاستحالات. وجمع العظام لاختلافها في الهيئة والصلابة. وقرأ ابن عامر وأبو بكر على التوحيد فيهما ، اكتفاء باسم الجنس عن الجمع.
(ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) خلقا مباينا للخلق الأوّل مباينة ما أبعدها ، حيث نفخنا فيه الروح ، وجعلناه حيوانا ناطقا سميعا بصيرا ، بعد أن كان جمادا أبكم أصمّ أكمه.
والمراد مجموع صورة البدن والرّوح والقوى ، وسائر ما أودع فيه من عجائب فطرة وغرائب حكمة ، لا تدرك بوصف الواصف ، ولا تبلغ بشرح الشارح. وإيراد «ثمّ» لما بين الخلقين من التفاوت.
(فَتَبارَكَ اللهُ) فتعالى شأنه في قدرته وحكمته ، ودام خيره (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)