بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (٢٢))
ثمّ ذكر قدرته على وجوه أخر ليستدلّ بها على قدرته على البعث ، فقال : (وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ) أي : سبع سماوات ، لأنّها طورق بعضها فوق بعض مطارقة النعل بالنعل ، وكلّ ما فوقه مثله فهو طريقة. أو لأنّها طرق الملائكة ومتقلّباتهم ، أو طرق الكواكب في السماوات ومسايرها.
(وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ) عن ذلك المخلوق الّذي هو السماوات (غافِلِينَ) مهملين أمرها ، بل نحفظها عن الزوال والاختلال بقدرتنا ، حتّى تبلغ منتهى ما قدّر لها من الكمال حسبما اقتضته الحكمة وتعلّقت به المشيئة. أو ما كنّا عن خلق الناس وسائر المخلوقات غافلين ، وإنّما خلقنا السماوات السّبع فوقهم ليفتح عليهم الأرزاق والبركات منها ، وينفعهم بأنواع منافعها.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) بتقدير يصلون إلى المنفعة العظيمة ، ويسلمون معه من المضرّة. أو بمقدار ما علمنا من حاجاتهم ومصالحهم. (فَأَسْكَنَّاهُ) فجعلناه ثابتا مستقرّا (فِي الْأَرْضِ) بأن جعلنا له الأرض مسكنا جمعناه فيه لينتفع به. يريد ما يبقى من المستنقعات والآبار والدّحلان (١) ، فإنّ الله أقرّ الماء فيها لينتفع الناس بها في الصيف عند انقطاع المطر.
وروى مقاتل عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إنّ الله تعالى أنزل من الجنّة خمسة أنهار : سيحون وهو نهر الهند ، وجيحون وهو نهر بلخ ، ودجلة
__________________
(١) الدّحلان جمع الدّحل ، وهو النقب الضيّق الأعلى والواسع الأسفل ، أو البئر الواسعة الجوانب الضيّقة الرأس.