(فَأَتْبَعْنا) الأمم والقرون (بَعْضَهُمْ بَعْضاً) في الإهلاك (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) أي : لم نبق منهم إلّا أحاديث يسمر بها ويتعجّب منها. وهو اسم جمع للحديث.
ومنه أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. أو جمع أحدوثة ، وهي ما يتحدّث به تلهّيا وتعجّبا ، مثل الألعوبة والأعجوبة والأضحوكة. (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) مرّ آنفا.
(ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٤٥) إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ (٤٦) فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (٤٨) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩))
(ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا) بالآيات التسع (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) وحجّة واضحة ملزمة للخصم. ويجوز أن يراد به العصا. وإفرادها لأنّها أوّل المعجزات وأمّها ، حيث تعلّقت بها معجزات شتّى ، كانقلابها حيّة ، وتلقّفها ما أفكته السحرة ، وانفلاق البحر ، وانفجار العيون من الحجر بضربهما بها ، وحراستها ، ومصيرها شمعة ، وشجرة خضراء مثمرة ، ورشاء ودلوا. وجعلت كأنّها ليست من جنس آيات أخر ، لما استبدّت به من مزيّة الفضل ، فلذلك عطفت عليها ، كقوله تعالى : (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) (١).
ويجوز أن يراد به المعجزات ، وبالآيات الحجج. وأن يراد بهما المعجزات ، فإنّها آيات النبوّة ، وحجّة بيّنة على ما يدّعيه موسى.
(إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) خصّ الملأ ـ وهم الأشراف ـ بالذكر ، لأنّ الآخرون كانوا
__________________
(١) البقرة : ٩٧.