يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً (٥٧))
ثمّ عاد إلى خطاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بأحوالهم وبما يستأهل كلّ واحد منهم ، فيختار منهم لنبوّته وولايته من يشاء. وهو ردّ لاستبعاد قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبيّا ، وأن يكون العراة الجوّع أصحابه ، كصهيب وبلال وخباب ، دون أن يكون ذلك في بعض أكابرهم وصناديدهم.
ثمّ زاد في الموعظة بقوله : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) بالفضائل النفسانيّة ، والتبرّي عن العلائق الجسمانيّة ، لا بكثرة الأموال والأتباع ، حتّى داود عليهالسلام ، فإنّ شرفه بما أوحي إليه من الكتاب ، لا بما أوتيه من الملك. فقوله بعده : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) إشارة إلى بعض ذلك.
وقيل : قوله : (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ) إشارة إلى تفضيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما بعده تنبيه على وجه تفضيله ، وهو أنه خاتم الأنبياء وأمّته خير الأمم ، المدلول عليه.
بما كتب في الزبور من أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون ، وهم محمّد وأمّته.
وقيل : وجه تخصيصه بالذكر «أنّ كفّار قريش ما كانوا على نظر وجدل ، بل كانوا يرجعون إلى اليهود في استخراج الشبهات ، واليهود كانوا يقولون : لا نبيّ بعد موسى ولا كتاب بعد التوراة ، فنقض الله عليهم كلامهم بإنزال الزبور على داود» كذا في الكبير (١).
__________________
(١) التفسير الكبير للرازي ٢٠ : ٢٣٠.