(قالُوا) استبعادا : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ولم يتأمّلوا أنّهم كانوا قبل ذلك أيضا ترابا فخلقوا.
(لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) إلّا أكاذيبهم الّتي كتبه الأوّلون ممّا لا حقيقة له. جمع أسطورة ، لأنّه يستعمل فيما يتلهّى به ، كالأعاجيب والأضاحيك. وقيل : جمع أسطار جمع سطر.
(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠))
ثمّ احتجّ على هؤلاء المنكرين للبعث والنشور ، فقال : (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) إن كنتم من أهل العلم ، أو من العالمين بذلك ، أي : أجيبوني عمّا استعلمتكم منه إن كان عندكم فيه علم. فيكون استهانة بهم ، وتقريرا لفرط جهالتهم ، حتّى جهلوا مثل هذا الجليّ الواضح ، وإلزاما بما لا يمكن لمن له مسكة من العلم إنّكاره. ولذلك أخبر عن جوابهم قبل أن يجيبوا ، فقال : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) لأنّ العقل الصريح قد اضطرّهم بأدنى نظر إلى الإقرار بأنّه خالقها.
(قُلْ) بعد ما قالوه (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) فتعلموا أنّ من فطر الأرض ومن فيها ابتداء قدر على إيجادها ثانيا ، فإن بدء الخلق ليس أهون من إعادته.