عليه أيضا قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) (١) فإنّ هذا الحكم يثبت للواحد كما يثبت للجمع.
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) إذ الغالب أنّ المائل إلى الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح ، والمسافحة لا يرغب فيها الصلحاء ، فإنّ المشاكلة علّة للألفة والتضامّ ، والمخالفة سبب للنفرة والافتراق.
وكان حقّ المقابلة أن يقال : والزانية لا تنكح إلّا من هو زان أو مشرك ، لكنّ المراد بيان أحوال الرجال في الرغبة فيهنّ ، لأنّ الآية نزلت في ضعفة المهاجرين ، لمّا همّوا أن يتزوّجوا بغايا يكرين أنفسهنّ ، لينفقن عليهم من أكسابهنّ على عادة الجاهليّة ، ولذلك قدّم الزاني.
ومعنى الجملة الاولى : وصف الزاني بكونه غير راغب في العفائف ، بل في الزواني. ومعنى الثانية : وصف الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفّاء ، بل للزناة. وبينهما فرق.
وقال في الجامع : «وإنّما قدّمت الزانية على الزاني في الأولى ، لأنّ الآية مسوقة لعقوبتهما على جنايتهما ، والمرأة منها منشأ الجناية ، وهي الأصل والمادّة في ذلك. ثمّ قدّم الزاني عليها في الثاني ، لأنّ الآية مسوقة لذكر النكاح ، والرجل هو الأصل فيه والمخاطب ، ومنه مبدأ الطلب» (٢).
وعن ابن عبّاس وابن عمر ومجاهد وقتادة والزهري : أنّ رجلا من المسلمين استأذن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أن يتزوّج أمّ مهزول ، وهي امرأة كانت تسافح ولها راية على بابها تعرف بها ، فنزلت هذه الآية.
والمراد بها النهي وإن كان ظاهرها الخبر ، ويؤيّده ما روي عن أبي جعفر وأبي
__________________
(١) الحجرات : ٩.
(٢) جوامع الجامع ٢ : ١٣٦.