الآخرة ، فإنّ أمر من بعثت إليهم مؤخّر إلى يوم القيامة. والباء مزيدة ، أو في موضع الحال ، والمفعول محذوف.
(وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً (٦٠))
ثمّ قال سبحانه مخاطبا لنبيّه : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ) واذكر إذ أوحينا إليك (إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ) كلّهم ، فهم في قبضة قدرته ومن تحت علمه ، فإنّه عالم بأحوالهم وبما يفعلونه من طاعة أو معصية ، قادر على ما يستحقّونه على ذلك من الثواب والعقاب. أو أحاط بقريش ، بمعنى : أهلكهم ، من : أحاط بهم العدوّ. فهو بشارة بوقعة بدر ، وبالنصرة عليهم. والتعبير بلفظ الماضي لتحقّق وقوعه. وهو كقوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (١) (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ) (٢) وغير ذلك.
(وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) قيل : المراد بهذه الرؤية رؤية العين ، وهي ما ذكر في أوّل السورة من إسراء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى بيت المقدس وإلى السماوات في ليلة واحدة ، فلمّا رأى ذلك ليلا وأخبر بها حين أصبح سمّاها رؤيا. وسمّاها فتنة في قوله : (إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) لأنّه أراد بها الامتحان وشدّة التكليف ، ليعرض المصدّق بذلك لجزيل ثوابه والمكذّب به لأليم عقابه. وهذا مرويّ عن ابن عبّاس وسعيد بن جبير والحسن وقتادة.
__________________
(١) القمر : ٤٥.
(٢) آل عمران : ١٢