(يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠))
ثمّ وعظ سبحانه الّذين خاضوا في الإفك ، فقال : (يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ) كراهة أن تعودوا ، أو في أن تعودوا ، من قولك : وعظت فلانا في كذا فتركه (أَبَداً) ما دمتم أحياء مكلّفين (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فإنّ الإيمان يمنع عنه. وفيه تهييج لهم ، وتذكير بما يوجب ترك العود ، ويصرف عن القبيح.
(وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ) الأوامر والنواهي الدالّة على الشرائع الجميلة ، والآداب الحسنة ، والمواعظ الشافية ، كي تتّعظوا وتتأدّبوا (وَاللهُ عَلِيمٌ) بدواعي الحكم في الأحوال كلّها (حَكِيمٌ) في تدابيره ، فلا يجوّز الكشخنة على نبيّه ، ولا يقرّره عليها.
ثمّ هدّد القاذفين فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ) أن تنتشر ، أي : يشيعونها عن قصد وإرادة ومحبّة لها (فِي الَّذِينَ آمَنُوا) بأن ينسبوها إليهم ، ويقذفوهم بها (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا) بإقامة الحدّ عليهم (وَالْآخِرَةِ) بعذاب السعير (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما في القلوب من الأسرار والضمائر (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك. يعني : أنّه قد علم محبّة من أحبّ الإشاعة ، وما يستحقّ عليه من شدّة العقاب.
روي : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرب عبد الله بن أبيّ وحسّانا ومسطحا. وقعد صفوان لحسّان فضربه ضربة بالسيف ، وكفّ بصره.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) كرّر المنّة بترك المعاجلة بالعقاب الدالّة على