عظم الجريمة ، وعطف قوله : (وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) على حصول فضله ورحمته عليهم ، وحذف الجواب ـ أعني : لعاجلكم بالعقوبة ـ للمبالغة العظيمة في ذلك.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١))
ولمّا بيّن سبحانه أحكام قذف المحصنات وعظم أمره ، وعقّب ذلك بأحكام قذف الزوجات ، ثمّ عظّم بعد ذلك قذف أزواج النبيّ اللاتي هنّ أمّهات المؤمنين ، نهى عن متابعة الشيطان المستلزمة لارتكاب صنوف الفحشاء وأنواع المنكرات ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) آثاره وطرقه الّتي تؤدّي إلى مرضاته ، ومن جملتها إشاعة الفاحشة وغيرها. وقرأ نافع والبزّي وأبو عمرو وأبو بكر وحمزة بسكونها (١).
(وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) هذا بيان لعلّة النهي عن اتّباعه. والفاحشة والفحشاء : ما أفرط قبحه. والمنكر : ما أنكره الشرع. أو ما تنكره النفوس ، فتنفر عنه ولا ترتضيه.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بتوفيق التوبة الماحية للذنوب ، وشرع الحدود المكفّرة لها (ما زَكى) ما طهر من دنسها (مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) آخر الدهر (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي) يطهّر (مَنْ يَشاءُ) من الذنوب ، بحمله على التوبة وقبولها (وَاللهُ سَمِيعٌ) لمقالهم (عَلِيمٌ) بنيّاتهم وإخلاصهم.
__________________
(١) أي : بسكون طاء : خطوات.