عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٥) لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٦))
ثمّ ذكر سبحانه الآيات الّتي جعلها نورا للعقلاء العارفين بالله وصفاته ، فقال : (أَلَمْ تَرَ) الخطاب للنبيّ ، والمراد به جميع المكلّفين. و «رأى» بمعنى : علم ، أي : ألم تعلم علما يشبه المشاهدة في اليقين والوثاقة بالوحي أو الاستدلال (أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ) ينزّه ذاته عن كلّ نقص وآفة (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : أهلهما. وإيراد «من» لتغليب العقلاء. أو المراد الملائكة والثقلان بما يدلّ عليه من المقال أو دلالة حال.
(وَالطَّيْرُ) عطف على «من». تخصيص لما فيها من الصنع الظاهر والدليل الباهر ، ولذلك قيّدها بقوله : (صَافَّاتٍ) فإنّ إعطاء الأجرام الثقيلة ما به تقوى على الوقوف في الجوّ صافّة ـ أي : باسطة ـ أجنحتها بما فيها من القبض والبسط ، حجّة قاطعة على كمال قدرة الصانع ولطف تدبيره.
(كُلٌ) كلّ واحد ممّا ذكر ، أو من الطير (قَدْ عَلِمَ) أي : علم الله (صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) دعاءه وتنزيهه اختيارا أو طبعا ، لقوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) أو علم كلّ دعاء نفسه وصلاة نفسه ، على تشبيه حاله في الدلالة على الحقّ والميل إلى النفع ، على وجه يخصّه ، بحال من علم ذلك. مع أنّه لا يبعد أن يلهم الله تعالى الطير دعاء وتسبيحا ، كما ألهمها علوما دقيقة في أسباب تعيّشها ، لا يكاد يهتدي إليها العقلاء.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فإنّه الخالق لهما ، ولما فيهما من الذوات والصفات والأفعال ، من حيث إنّها ممكنة واجبة الانتهاء إلى الواجب (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) مرجع الجميع.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً) يسوقه سوقا رفيقا إلى حيث يريد. ومنه البضاعة المزجاة الّتي يزجيها كلّ أحد لا يرضاها. والسحاب يكون واحدا كالعماء ، وجمعا ،