(وَعِدْهُمْ) المواعيد الباطلة ، كشفاعة الآلهة ، والاتّكال على كرامة الآباء ، وتأخير التوبة لطول الأمل (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) اعتراض لبيان مواعيده الباطلة. والغرور : تزيين الخطأ بما يوهم أنّه صواب.
(إِنَّ عِبادِي) يعني : المخلصين. وتعظيم الإضافة ، والتقييد في قوله : (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (١) يخصّصهم. (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أي : على إغوائهم قدرة (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) يتوكّلون عليه في الاستعاذة منك على الحقيقة.
(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (٦٩))
ولمّا تقدّم ذكر الشيطان وذكر المشركين وعبدة الأوثان ، احتجّ سبحانه بدلائل التوحيد والإيمان ، فقال : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي) يجري ويسيّر (لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي : من الريح وأنواع الأمتعة الّتي لا تكون عندكم (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) حيث هيّأ لكم ما تحتاجون إليه ، وسهّل عليكم ما تعسّر من أسبابه.
__________________
(١) الحجر : ٤٠.