آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٩) وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠))
ثمّ تمّم الأحكام السالفة بعد الفراغ عن الآيات الدالّة على وجوب الطاعة فيما سلف من الأحكام وغيرها ، والوعد عليها ، والوعيد على الإعراض عنها ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ) قال القاضي (١) : هذا الخطاب للرجال ظاهرا ، ولكنّه من باب التغليب ، فيدخل فيه النساء. وقال الرازي : «الحكم يثبت للنساء بقياس جليّ ، لأنّهنّ في الحفظ أشدّ حالا من الرجال» (٢).
(الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي : عبيدكم وإماؤكم ، غلّب فيه العبيد. قيل : أراد العبيد خاصّة. وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام.
وروي : أنّ غلام أسماء بنت أبي مرشد دخل عليها في وقت كرهت دخوله ، فأتت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت : إنّ خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها. فنزلت.
وقيل : أرسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مدلج بن عمرو الأنصاري ـ وكان غلاما ـ وقت الظهيرة ليدعوا عمر ، فدخل وهو نائم وقد انكشف عنه ثوبه. فقال عمر : لوددت أنّ الله عزوجل نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا ، أن لا يدخلوا هذه الساعات علينا إلّا بإذن. ثمّ انطلق معه إلى النبيّ ، فوجده قد أنزلت عليه هذه الآية.
__________________
(١) أنوار التنزيل ٤ : ٨٦.
(٢) التفسير الكبير ٢٤ : ٢٨.