ثابت لمن قام مقامه من الأئمّة الهادين صلّى الله عليهم أجمعين.
(لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤))
ثمّ عظّم ووقّر رسوله بين عباده ، ولينتهوا عن رجوعهم عن الأمر الجامع بغير إذنه ، فقال : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) أي : إذا احتاج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى اجتماعكم عنده لأمر فدعاكم ، فلا تفرّقوا عنه إلّا بإذنه. ولا تقيسوا دعاءه إيّاكم على دعاء بعضكم بعضا ، وفي جواز الإعراض ، والمساهلة في الإجابة ، والرجوع عن المجمع بغير إذنه ، فإنّ المبادرة إلى إجابته واجبة ، والمراجعة بغير إذنه محرّمة.
وقيل : معناه : لا تجعلوا نداءه وتسميته كنداء بعضكم بعضا باسمه ، ورفع الصوت به ، والنداء وراء الحجرات ، ولكن بلقبه المعظّم له ، مثل : يا نبيّ الله ويا رسول الله ، مع قصد التوقير والتواضع ، وخفض الصوت. أو لا تجعلوا دعاءه ربّه كدعاء صغير كم كبير كم ، يجيبه مرّة ويردّه اخرى ، فإنّ دعاءه مستجاب. أو لا تجعلوا دعاءه عليكم كدعاء بعضكم على بعض ، فلا تبالوا بسخطه ، فإنّ دعاءه عليكم موجب السخط والغضب.
(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ) أي : ينسلون ويخرجون قليلا قليلا من الجماعة. ونظيره : تدرّج وتدخّل. (لِواذاً) ملاوذة. وهو أن يلوذ هذا بذاك وذاك بهذا.