إلى أن ترجعوا فتركبوه (فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) هي الريح الّتي لها قصيف ، وهو الصوت الشديد ، كأنّها تتقصّف ، أي : تتكسّر. أو الّتي لا تمرّ بشيء إلّا قصفته ، أي : كسرته. (فَيُغْرِقَكُمْ) وعن يعقوب بالتاء ، على إسناده إلى ضمير الريح (بِما كَفَرْتُمْ) بسبب إشراككم ، أو كفرانكم نعمة الإنجاء (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) مطالبا يتبعنا بانتصار أو صرف.
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٧١) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢))
لمّا تقدّم ذكر قول إبليس : (هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ) ذكر سبحانه بعد ذلك تكرمته لبني آدم بأنواع الإكرام وفنون الإنعام ، فقال : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) بحسب صنوف الإنعام. وهي : حسن الصورة ، والمزاج الأعدل ، واعتدال القامة ، والتمييز بالعقل ، والإفهام بالنطق والإشارة والخطّ ، والتهدّي إلى أسباب المعاش والمعاد ، والتسلّط على ما في الأرض ، والتمكّن من الصناعات ، وتسخير أكثر الأشياء لهم ، وانسياق الأسباب والمسبّبات العلويّة والسفليّة إلى ما يعود عليهم بالمنافع ، إلى غير ذلك ممّا يقف الحصر دون إحصائه. ومن ذلك ما ذكره ابن عبّاس : أنّ كلّ حيوان يتناول طعامه بفيه إلّا الإنسان ، فإنّه يرفعه إليه بيده. وقيل : تفضيلهم بأن جعل محمّدا منهم.