قالوه (إِنْ تَتَّبِعُونَ) ما تتّبعون (إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) سحر فغلب على عقله. وقيل : ذا سحر ، وهو الرّئة ، أي : بشرا لا ملكا ، لأنّ الرئة مختصّة بجنس البشر ، أي : الحيوان.
(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أي : قالوا فيك تلك الأقوال الشاذّة ، واخترعوا لك الأحوال النادرة ، من نبوّة مشتركة بين إنسان وملك ، وإلقاء كنز عليك من السّماء ، وغير ذلك (فَضَلُّوا) عن الطريق الموصل إلى معرفة خواصّ النبيّ ، والمائز بينه وبين المتنبّئ ، فبقوا متحيّرين لا يجدون قولا يستقرّون عليه (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) إلى القدح في نبوّتك أو إلى الرشد والهدى.
(تَبارَكَ الَّذِي) تكاثر خير الّذي (إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ) وهب لك في الدنيا (خَيْراً مِنْ ذلِكَ) ممّا قالوا ، وإنّما أخّره إلى الآخرة لأنّه خير وأبقى (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) بدل من «خيرا» (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) عطف على محلّ الجزاء.
وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو بكر بالرفع ، لأنّ الشرط إذا كان ماضيا جاز في جزائه الجزم والرفع. ويجوز أن يكون استئنافا بوعد ما يكون له في الآخرة.
(بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (١١) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (١٢) وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣) لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (١٤) قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (١٥) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً (١٦))