والهباء ما يخرج من الكوّة مع شعاع الشمس ، شبيه بالغبار. من الهبوة ، وهي الغبار. وفي أمثالهم : أقلّ من الهباء و «منثورا» صفة للهباء. شبّه أوّلا عملهم المحبط بالهباء في حقارته وعدم نفعه. ثمّ بالمنثور منه في انتثاره بحيث لا يمكن نظمه ، بل ذهب كلّ مذهب. ونحوه قوله : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (١) ، فإنّه لم يكف أن شبّههم بالعصف حتّى جعله مؤوفا بالأكال. أو مفعول ثالث لـ «جعلناه» أي : فجعلناه جامعا لحقارة الهباء والتناثر ، كقوله : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٢). أي : جامعين للمسخ والخسء (٣).
(أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً (٢٤) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩))
ثمّ ذكر سبحانه فضل أهل الجنّة على أهل النار ، فقال : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ
__________________
(١) الفيل : ٥.
(٢) البقرة : ٦٥.
(٣) خسأ يخسأ خسأ : طرد وأبعد.