وقيل : الاستثناء منقطع. ومعناه : لكن من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلا فليفعل.
ثمّ أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن يثق به ، ويسند أمره إليه في استكفاء شرورهم ، مع التمسّك بقاعدة التوكّل وأساس الالتجاء ، وهو طاعته وعبادته وتنزيهه وتحميده ، فقال : (وَتَوَكَّلْ) وفوّض أمورك (عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) لأنّه الحقيق بأن يتوكّل عليه ، دون الأحياء الّذين يموتون ، فإنّهم إذا ماتوا ضاع من توكّل عليهم. وعن بعض السلف أنّه قرأها فقال : لا يصحّ لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) ونزّهه عن صفات النقصان ، مثنيا عليه بأوصاف الكمال ، طالبا لمزيد الإنعام بالشكر على سوابغه.
ثمّ أراه أن ليس إليه من أمره عباده شيء ، آمنوا أم كفروا ، فقال : (وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ) ما ظهر منها وما بطن (خَبِيراً) بأحوالهم ، كافيا في جزاء أعمالهم ، فلا عليك إن آمنوا أو كفروا.
(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً (٥٩) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً (٦٠))
ثمّ ذكر أوصافه الحاثّة على التوكّل عليه بقوله : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) يعني : في مدّة مقدارها هذه المدّة ، لأنّه لم يكن حينئذ نهار ولا ليل. وقيل : ستّة أيّام من أيّام الآخرة. وكلّ يوم ألف سنة. والظاهر أنّها من أيّام الدنيا.
وعن مجاهد : أوّلها يوم الأحد ، وآخرها الجمعة. ووجهه أن يسمّي الله تعالى لملائكته تلك الأيّام المقدّرة بهذه الأسماء ، فلمّا خلق الشمس وأدارها وترتّب أمر العالم على ما