يخبرك من أهل الكتاب ، ليعرفوا مجيء ما يرادفه في كتبهم.
وعلى هذا ، يجوز أن يكون «الرحمن» مبتدأ ، والخبر ما بعده. والسؤال كما يعدّى بـ «عن» لتضمّنه معنى التفتيش ، يعدّى بالباء ، لتضمّنه معنى الاعتناء والاهتمام.
وقيل : إنّه صلة «خبيرا» أي : فاسأل رجلا خبيرا به.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) لأنّهم ما كانوا يطلقونه على الله. أو لأنّهم ظنّوا أنّه أراد به غيره ، فإنّهم كانوا يقولون : ما نعرف الرّحمن إلّا الّذي باليمامة ، يعنون مسيلمة. ولذلك قالوا : (أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) أي : للّذي تأمرناه. يعني : تأمرنا بسجوده. أو لأمرك لنا من غير عرفان ، على أنّها مصدريّة. وقيل : لأنّه كان معربا لم يسمعوه. وقرأ حمزة والكسائي : يأمرنا بالياء ، على أنّه قول بعضهم لبعض. (وَزادَهُمْ نُفُوراً) عن الإيمان.
(تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (٦١) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (٦٢))
ثمّ مدح الله سبحانه نفسه بصفات الكمال ونعوت الجلال الدالّة على رحمانيّته ، فقال : (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) يعني : منازل الكواكب السبعة السيّارة : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت. سمّيت بالبروج الّتي هي القصور العالية ، لأنّها لهذه الكواكب كالمنازل لسكّانها. واشتقاق البرج من التبرّج ، لظهوره.
(وَجَعَلَ فِيها سِراجاً) يعني : الشمس ، لقوله تعالى : (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) (١). وقرأ حمزة والكسائي : سرجا. وهي : الشمس والكواكب الكبار معها.
__________________
(١) نوح : ١٦.