(ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) يدفع العذاب عنك. وفيه دليل على أنّ أدنى مداهنة للغواة مضادّة لله ، وخروج عن ولايته ، وسبب موجب لغضبه ونكاله. فعلى المؤمن أن يتدبّرها ، ويستشعر فيها الخشية وازدياد التصلّب في دين الله. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّها لمّا نزلت كان يقول : «اللهمّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا».
(وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (٧٧))
(وَإِنْ كادُوا) وإن كاد أهل مكّة (لَيَسْتَفِزُّونَكَ) ليزعجونك بمعاداتهم ومكرهم (مِنَ الْأَرْضِ) من أرض مكّة (لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً) لو خرجت (لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ) لا يبقون بعد إخراجك (إِلَّا قَلِيلاً) إلّا زمانا قليلا ، فإنّ الله مهلكهم. وقد كان كذلك ، فإنّهم أهلكوا ببدر بعد هجرته بقليل.
وقيل : الآية نزلت في اليهود ، حسدوا مقام النبيّ بالمدينة فقالوا : الشام مقام الأنبياء ، فإن كنت نبيّا فالحق بها حتّى نؤمن بك ونتّبعك ، وقد علمنا أنّه لا يمنعك من الخروج إلّا خوف الروم ، فإن كنت رسول الله فالله مانعك منهم. فوقع ذلك في قلبه ، فخرج مرحلة فنزلت فرجع. ثمّ قتل منهم بنو قريظة ، وأجلي بنو النضير بقليل.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب وحفص : خلافك. وهو لغة فيه.
(سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) نصب على المصدر ، أي : سنّ الله ذلك سنّة ، وهو أن يهلك كلّ أمّة أخرجوا رسولهم من بين أظهرهم. فالسنّة لله ، وإضافتها إلى الرسل لأنّها من أجلهم. ويدلّ عليه : (وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً) تغييرا ، أي : ما يتهيّأ