(إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، ينزل هؤلاء ويصعد هؤلاء ، فهو في آخر ديوان الليل وأوّل ديوان النهار. أورده البخاري في الصحيح (١). أو مشهودا بشواهد القدرة ، من تبدّل الظلمة بالضياء ، والنوم الّذي هو أخو الموت بالانتباه. أو بكثير من المصلّين في العادة. أو من حقّه أن يشهده الجمّ الغفير.
وقيل : قرآن الفجر حثّ على طول القراءة في صلاة الفجر ، لكونها مشهودا بالجماعة الكثيرة ، ليسمع العباد القرآن فيكثر الثواب.
والآية جامعة للصلوات الخمس ، إن فسّر الدلوك بالزوال. فصلاتا دلوك الشمس الظهر والعصر ، وصلاتا غسق الليل هما المغرب والعشاء الآخرة ، والمراد بقرآن الفجر صلاة الغداة. ولصلوات الليل وحدها إن فسّر بالغروب.
ويؤيّد الأوّل ما رواه العيّاشي بالإسناد عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في هذه الآية ، قال : «إنّ الله افترض أربع صلوات ، أوّل وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل ، منها صلاتان أوّل وقتهما عند زوال الشمس إلى غروبها ، إلّا أنّ هذه قبل هذه ، ومنها صلاتان أوّل وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل ، إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٢) وإلى هذا ذهب المرتضى علم الهدى قدسسره في أوقات الصلاة. فالآية دالّة على امتداد الصلوات الأربع.
(وَمِنَ اللَّيْلِ) وبعض الليل (فَتَهَجَّدْ بِهِ) أي : فاترك الهجود للصلاة ، فإنّ التهجّد بمعنى ترك الهجود (٣) ، نحو التأثّم والتحرّج. والضمير للقرآن. (نافِلَةً لَكَ) عبادة زائدة لك على الصلوات المفروضة. أو فضيلة لك ، لاختصاص وجوبه بك دون أمّتك ، فإنّه تطوّع لهم.
__________________
(١) ذكره بلفظ آخر في صحيح البخاري ٦ : ١٠٨.
(٢) تفسير العيّاشي ٢ : ٣١٠ ح ١٤٣.
(٣) أي : النوم.