(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) أي : كلّ واحد من المؤمن والكافر يعمل على طريقته الّتي تشاكل حاله في الهدى والضلالة ، من قولهم : طريق ذو شواكل ، وهي الطرق الّتي تتشعّب منه. والدليل عليه قوله : (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) أسدّ طريقا ، وأبين منهجا. وقد فسّرت الشاكلة بالطبيعة والعادة.
قال بعض المحقّقين : هذه الآية أرجى آية في كتاب الله تعالى ، لأنّ لفظ «كلّ» فيها شامل لكلّ من الواجب والممكن ، فمقتضى ذاته الكرم والعفو عن عباده ، فهو يعمل به ، ومقتضى ذاتهم المعصية واتّباع الهوى.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥))
روي أنّ اليهود قالوا لقريش : سلوا محمدا عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح ، فإن أجاب عنها أو سكت فليس بنبيّ ، وإن أجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبيّ. فبيّن لهم القصّتين وأبهم أمر الروح ، وهو مبهم في التوراة. فنزلت : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) الّذي يحيا به بدن الإنسان ويدبّره (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) أي : ممّا استأثره بعلمه ، ولا يطلعه أحدا من عباده.
وقيل : سألوا عن الروح أهو قديم ، أو مخلوق محدث؟ فقال : قل الرّوح وجد بأمره وحدث بتكوينه.
وقيل : سألوا عن الروح أنّه مادّيّ أو متولّد من أصل؟ فأجيب بأنّه من الإبداعيّات الكائنة بـ «كن» ، من غير مادّة وتولّد من أصل ، كأعضاء جسده.
وقيل : هو خلق عظيم روحانيّ أعظم من الملك. وقيل : الروح جبرئيل. وعن عليّ عليهالسلام : أنّه ملك من الملائكة ، له سبعون ألف وجه ، لكلّ وجه سبعون ألف لسان ، تسبّح الله بجميع ذلك.