(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (٨٩))
ثمّ احتجّ سبحانه على المشركين بإعجاز القرآن ، فقال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) في البلاغة القصوى ، وحسن النظم ، وكمال المعنى ، والفصاحة العليا (لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) وفيهم العرب العرباء ، وأرباب البيان ، وأهل التحقيق. وهو جواب قسم محذوف دلّ عليه اللام الموطّئة ، ولو لا هي لكان جواب الشرط بلا جزم ، لكون الشرط ماضيا. (وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) ولو تظاهروا على الإتيان به. ولعلّه لم يذكر الملائكة لأنّ إتيانهم بمثله لا يخرجه عن كونه معجزا ، ولأنّهم كانوا وسائط في إتيانه.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) كرّرنا بوجوه مختلفة زيادة في التقرير والبيان (لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) من كلّ معنى هو كالمثل في غرابته ووقوعه موقعها في الأنفس (فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) إلّا جحودا. وإنّما جاز ذلك ولم يجز : ضربت إلّا زيدا ، لأنّه متأوّل بالنفي ، كأنّه قيل : فلم يرضوا إلّا كفورا.
ولمّا تبيّن إعجاز القرآن ، وانضمّت إليه المعجزات الأخر والبيّنات ، ولزمتهم الحجّة وغلبوا ، أخذوا يتعلّلون باقتراح الآيات تعنّتا ، فعل المبهوت المحجوج المتعثّر في أذيال الحيرة.
(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ